
الخرطوم – أغسطس 2025
أثار قائد فيلق البراء بن مالك، المصباح أبوزيد طلحه، جدلاً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي وداخل الأوساط السياسية، بعدما نشر على صفحته في فيسبوك عبارة مقتضبة قال فيها: “الأستاذ بقال قريباً في حضن الوطن”، في إشارة إلى القيادي المليشياوي السابق إبراهيم بقال، الذي كان يقدم نفسه واليًا على الخرطوم إبّان سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
المنشور أشعل عاصفة من التساؤلات حول ما إذا كانت هناك صفقة لعودة بقال، أم أن الأمر مجرد بالونة اختبار لجس نبض الشارع. وزاد المصباح الجدل حين عاد ليكتب أن بقال “لم يطلق رصاصة واحدة في المعارك، وكان دوره مقتصرًا على الظهور الإعلامي عبر الهاتف”.
رفض شعبي وتشكيك في النوايا
ردود الأفعال جاءت في معظمها رافضة، إذ اعتبر ناشطون وصحفيون أن أي محاولة لتبييض صورة بقال أو إعادة إدماجه في المشهد السياسي تُعد “إهانة لدماء الضحايا”. الصحفي صبوح بشير النور شبّه الأمر بمحاولات “غسل صورة كيكل” قائلاً: “كل من شارك مع المليشيا، سواء بالبندقية أو بالكلمة، شريك في الجريمة”.
أما الناشط عثمان العطا فشدّد على أن بقال لعب دورًا خطيرًا في الحرب النفسية والإعلامية، إذ ساهمت فيديوهاته وتصريحاته في بث الإحباط وسط سكان الخرطوم ودفع كثيرين للنزوح المبكر من العاصمة. وأضاف: “الحرب الحديثة لا تقوم على السلاح فقط؛ المعلومة قد تكون أفتك من الرصاصة”.
المقارنة مع كيكل
الصحفي عبدالجليل سليمان طرح زاوية مختلفة، إذ أشار إلى أن بقال لم يرتكب عُشر ما ارتكبه أبو عاقلة كيكل، الذي حمل السلاح وارتكب انتهاكات واسعة قبل أن يُعاد تقديمه كبطل قومي. وتساءل: “إذا كان الجيش قد عفا عن كيكل، فلماذا لا يُعامل بقال بالمثل وهو لم يخض القتال فعليًا؟”.
موقف المقاومة الشعبية
من جانبه، اعتبر المتحدث السابق باسم المقاومة الشعبية في سنار عمار حسن أن منشور المصباح مجرد “بالونة اختبار” قد تمهد لطرح تسويات أوسع مع شخصيات مثيرة للجدل. لكنه شدد على أن الشارع السوداني يرفض أي تسوية مع من دعم التمرد، ورأى أن العفو عن أمثال بقال يمثل “انتقاصًا من تضحيات المقاتلين والشهداء”.
بقال بين الهروب والعودة
الجدير بالذكر أن المصباح كان قد ذكر في وقت سابق من أغسطس أن بقال يخطط للهروب إلى أوروبا عبر تشاد لطلب اللجوء السياسي، بعد أن شعر بتهديد مباشر، غير أن حديثه الجديد يفتح الباب أمام احتمالية “تسوية ما” تسمح بعودته للخرطوم تحت مظلة العفو.
قراءة قانونية
وفي سياق مختلف، أوضح المحامي د. ناجي مصطفى أن القانون لا يمنع عودة أي شخص متهم بالتمرد شريطة أن “يأتي تائبًا، معترفًا بجرائمه، وقابلًا بتحمل تبعاتها أمام العدالة”. وأضاف أن الدولة، في حال العفو، تظل ملزمة بتعويض المواطنين المتضررين.
دلالات سياسية
يرى محللون أن إثارة ملف بقال ليست سوى مؤشر على صراع داخل النخب بشأن كيفية إدارة مرحلة ما بعد الحرب، خاصة في ظل الضغوط لإعادة دمج بعض الشخصيات ضمن تسويات سياسية أوسع. لكن المزاج العام – بحسب مراقبين – لا يزال رافضًا لأي مصالحة مع رموز ارتبطت باسم المليشيا، سواء قاتلت فعليًا أم اكتفت بالدور الإعلامي.