
أعلن رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن “التمرد لن تقوم له قائمة بعد اليوم”، مشدداً على أن قوات الدعم السريع “دمّرت السودان” ولا مجال للتعايش معها مستقبلاً. وجاءت تصريحاته بالتزامن مع مواجهات عنيفة حول مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، حيث أكد الجيش السوداني أنه تمكن من صد أربع هجمات متتالية شنتها قوات الدعم السريع يوم الأحد.
ووفقاً لمصدر عسكري تحدّث للجزيرة، فقد نفذت طائرات مسيّرة تابعة للجيش ضربات مركزة على مواقع الدعم السريع، مما ألحق بها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد. في المقابل، أفادت شبكة أطباء السودان بمقتل 13 مدنياً، بينهم نساء وأطفال، في هجوم نُسب إلى قوات الدعم السريع على منطقة خزان قولو القريبة من الفاشر، الأمر الذي يفاقم معاناة السكان المحاصرين وسط قصف متواصل وانقطاع الإمدادات.

سياسياً، وصف مالك عقار، نائب رئيس مجلس السيادة، الحرب بأنها “هزة نفسية عنيفة” عاشتها البلاد، مؤكداً أن المعارك دخلت مرحلتها النهائية. ودعا عقار إلى تجاوز آثار الصراع والعمل المشترك من أجل مستقبل السودان، مشدداً على أن إنهاء الحرب لن يتحقق إلا عبر “مصالحات شاملة”.
وفي موازاة المعارك والاصطفاف السياسي، تواجه دارفور كارثة صحية متفاقمة مع تفشي وباء الكوليرا. فقد أعلن وزير الصحة في الإقليم بابكر حمدين أن أكثر من 400 شخص لقوا حتفهم نتيجة انتشار المرض، فيما تجاوز عدد المصابين 7 آلاف حالة، مع تسجيل أكبر تفشٍ في ولاية شمال دارفور، خصوصاً بمدينة طويلة. وأكد الوزير أن الأوضاع في غرب دارفور ما زالت خارج السيطرة بسبب هيمنة قوات الدعم السريع على مناطق واسعة، مما يصعّب عمليات الحصر والإغاثة.

وبينما تتركز الأنظار على الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يواجه سكان ولاية كسلا كارثة طبيعية متصاعدة. فمع استمرار هطول الأمطار الغزيرة، ارتفعت مناسيب مياه نهر القاش، الذي يعبر المدينة، لتشكل تهديداً خطيراً على القرى والبلدات الواقعة على ضفتيه.
وفي ظل هذه الظروف، لم يقتصر دور الجيش السوداني على مواجهة خصومه، بل قام بجهود إغاثية عاجلة. وأكدت مصادر محلية أن الجيش نفذ عمليات إجلاء للمواطنين المتضررين من الفيضانات في عدة مناطق، محاولًا التخفيف من آثار هذه الكارثة الإنسانية المتزامنة مع الأزمة السياسية.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، قُتل أكثر من 20 ألف شخص، بينما شردت المعارك والظروف الإنسانية القاسية نحو 15 مليون سوداني بين نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية، لتصبح البلاد أمام مزيج كارثي من الحرب والجوع والأوبئة والفيضانات.