
متابعات _ اوراد نيوز
شهد المشهد السياسي السوداني تحولًا لافتًا مع إعلان رئيس الوزراء كامل إدريس عن تشكيل حكومي جديد، جاء بعد أسابيع من التعثر والمساومات المعقدة. هذا التشكيل، الذي احتفظ فيه إدريس بوزراء ينتمون إلى الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، يمثل تراجعًا واضحًا عن تعهده السابق بتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة. هذه الخطوة تسلط الضوء على الطبيعة المعقدة للتحالفات التي يعتمد عليها الجيش السوداني في ظل الحرب المشتعلة منذ أبريل 2023.
وقد كشفت التعيينات الجديدة عن استمرار نفوذ الحركات المسلحة، حيث تم الإبقاء على جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، في منصب وزير المالية، وتعيين محمد كرتكيلا، القيادي في الحركة الشعبية لتحرير السودان، وزيرًا للحكم الاتحادي. كما شمل التشكيل تعيين عبد الله محمد درف وزيرًا للعدل، ومحاسن علي يعقوب وزيرة للتجارة والصناعة، وهارون عبد الكريم عبد الله، القيادي في حركة جيش تحرير السودان، وزيرًا للشؤون الدينية والأوقاف.
وكان إدريس قد تعهد في مايو الماضي، عقب أدائه اليمين الدستورية، بتشكيل حكومة من 22 وزارة، أسماها “حكومة الأمل”، مؤكدًا أنها ستضم كفاءات مستقلة غير حزبية بهدف تخفيف حدة الاستقطاب السياسي. إلا أن ضغوطًا مكثفة من الحركات المسلحة، المنضوية تحت لواء “القوة المشتركة”، أجبرته على العدول عن هذه الرؤية. تلك الضغوط وصلت حد التهديدات الضمنية بسحب الدعم العسكري وتقليص التنسيق الميداني مع الجيش، مما وضع إدريس في موقف صعب.
بدأت ملامح التشكيل الحكومي تتضح تدريجيًا منذ 24 يونيو، حيث تم تعيين وزيري الدفاع والداخلية بناءً على ترشيح من قيادة الجيش، تلته تعيينات لوزراء الصحة والزراعة والتعليم العالي. وتسارعت وتيرة التعيينات بعد ذلك تحت ضغط الحركات المسلحة، التي تمسكت بحقها في 6 وزارات بموجب اتفاق جوبا، بزيادة وزارة واحدة عن حصتها السابقة عندما كان عدد الوزارات أقل.
من جانب آخر، لم يصدر أي تعليق رسمي من تحالف صمود المدني الديمقراطي بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، الذي لا يعترف بشرعية الحكومة الحالية منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021.
في المقابل، يتجه تحالف “تأسيس”، الذي يضم قوات الدعم السريع وحلفاءها، نحو تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرته، حيث أعلن عن محمد حمدان دقلو (حميدتي) رئيسًا للتحالف، وعبد العزيز الحلو نائبًا له، في خطوة تعمق الانقسام السياسي الحاد في السودان.
بينما تتواصل الحرب التي تمزق السودان، تواجه حكومة إدريس تحديات متزايدة ليس فقط على جبهات القتال، بل أيضًا من داخل تحالفاتها السياسية .
ولا تزال 12 وزارة شاغرة بانتظار التعيين، مما يثير مخاوف من انهيار التوازن الدقيق الذي يحكم المشهد الانتقالي المعقد في البلاد.
المصدر: الشرق الأوسط