عبر مدونة “المخالفون العالميون” . تسريبات صادمة تكشف فضيحة بشأن حكومة حمدوك
متابعات _ اوراد نيوز
متابعات _ اوراد نيوز
في كشف مثير للجدل هزّ الأوساط السياسية والإعلامية، نشر الصحفي البريطاني كيت كلارنبرج تحقيقًا صادمًا عبر مدونة “المخالفون العالميون”، فضح من خلاله الدور الخفي للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) في دعم حكومة عبد الله حمدوك الانتقالية بالسودان. التحقيق كشف عن تعاقد سري لـUSAID، في أغسطس 2019، مع شركة بريطانية مثيرة للشبهات تدعى “فالنت بروجكتس” (Valent Projects)، في عملية تخطت حدود “مكافحة التضليل الإعلامي” لتصل إلى قمع المعارضة ومراقبة المحتوى الرقمي.
مراقبة إلكترونية وقمع الأصوات المعارضة: الوجه الخفي لدعم “التحول الديمقراطي”
وفقًا للتحقيق، استأجرت الوكالة الأمريكية خدمات شركة فالنت، التي تدّعي تخصصها في “مكافحة التضليل الإعلامي”. إلا أن المهام الموكلة إليها، بحسب كلارنبرج، تجاوزت حدود المهنية لتشمل مراقبة وتحليل المحتوى الرقمي واستهداف المعارضين السياسيين على شبكات التواصل الاجتماعي. الهدف المعلن كان “مكافحة المعلومات المضللة”، لكن الهدف الفعلي، بحسب التحقيق، كان قمع الأصوات المعارضة لحكومة حمدوك، التي كانت تواجه معارضة جماهيرية واسعة بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل 2019.
حملة دعائية ممنهجة وتمويل غامض: “تعزيز المصالح الأمريكية”
كشفت وثائق مسربة من الوكالة الأمريكية أن مكتب خدمات الانتقال التابع لـUSAID (OTI) تعاون بشكل وثيق مع الوزارات السودانية الانتقالية. هذا التعاون تضمن تأسيس مكاتب إعلامية متعددة في ولايات السودان لنشر دعاية رسمية، بذريعة “مكافحة المعلومات المضللة”. الهدف الحقيقي، وفقًا لمنشور سابق تم حذفه لاحقًا من موقع الوكالة الأمريكية، كان “تعزيز المصالح الأمريكية في السودان والمنطقة بعد سقوط البشير”.
الأكثر إثارة للشبهات هو تأكيد التحقيق أن شركة فالنت تلقت أكثر من مليون دولار من مكتب OTI مقابل ما وصفته الوثائق بـ”دعم اتصالي ومكافحة المعلومات المضللة”. إلا أن هذا المبلغ لا يظهر ضمن السجلات المالية الرسمية لفالنت، مما يثير تساؤلات خطيرة حول شفافية التمويل ومشروعية أنشطته.
انهيار حكومة “OTI” وحذف فيسبوك لشبكات سودانية بناءً على تقارير فالنت
نفّذ مكتب OTI عملياته بالتعاون مع الوزارات الرئيسية في الحكومة الانتقالية التي تشكلت بعد أربعة أشهر من سقوط البشير. واستمر هذا التعاون حتى انهيار حكومة حمدوك نفسها في أكتوبر 2021، وسط اتهامات بفساد واسع النطاق وقمع المعارضة وفرض رقابة على الإعلام.
في يونيو 2021، كشفت شركة Meta (فيسبوك سابقًا) عن حذفها شبكة تضم 53 حسابًا على فيسبوك و51 صفحة و3 مجموعات و18 حسابًا على إنستغرام في السودان، بناءً على تقارير قدمتها شركة فالنت. وصرح رئيس شركة فالنت، أميل خان، بأن هذه الشبكة كانت “أكبر بثلاث مرات” من تلك التي حذفتها Meta فعليًا، وكانت تضم أكثر من 6 ملايين متابع.
في المقابل، نفى مديرو الصفحات السودانية التي طالتها الحملة هذه الاتهامات بشكل قاطع، وقالوا إن ما وصفته فالنت بـ”السلوك غير الموثوق” هو مجرد مواقف سياسية تنتقد أداء الحكومة الانتقالية، التي وصفوها بأنها قمعية وفاشلة اقتصاديًا وسياسيًا.
“فالنت”: وجه إعلامي ناعم بخلفية استخباراتية وتكتيكات متكررة
انهارت حكومة السودان المدعومة من مكتب OTI في أكتوبر 2021 بعد عامين فقط من الحكم، وخرجت بسمعة سيئة اتسمت بفساد مالي وإداري، وقمع شديد للمعارضين، وفرض قيود على الإعلام. ووفقًا للتحقيق، سعت شركة فالنت إلى القضاء الممنهج على كل من يعارض حكومة حمدوك على الإنترنت، بتكليف مباشر من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في بلد تعتبر فيه وسائل التواصل الاجتماعي من أبرز المؤثرات على الرأي العام.
رغم أن شركة فالنت تحاول إظهار نفسها كجهة محايدة تعمل في مجال مكافحة التضليل، إلا أن خلفية رئيسها التنفيذي أميل خان تكشف العكس. فقد عمل خان سابقًا في مجال الدعاية لصالح جماعات متطرفة في الحرب السورية بدعم من الـCIA والمخابرات البريطانية MI6.
ويكشف التحقيق أن خان استُعين به لاحقًا من قبل شركة ألكيمي، التابعة لوزارة الدفاع البريطانية، ضمن مشروع لدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا. وأوضح خان أن شركة فالنت تتعاون مع كيمونيكس الدولية في تتبع الروايات المؤيدة لروسيا، مما يشير إلى استخدام نفس التكتيكات الدعائية التي استخدمها في السودان ضمن بيئات أخرى خاضعة لنفوذ الغرب.
تُشير هذه المعلومات إلى أن حكومة حمدوك لم تكن تتحرك بشكل مستقل، بل خضعت لتوجيه وتنسيق إعلامي خارجي هدفه الأساسي تثبيت حكم غير شعبي عبر وسائل غير ديمقراطية. وفي ظل التأثير الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي في السودان، فإن استغلالها لتشكيل الرأي العام يدق ناقوس خطر بشأن سيادة القرار الوطني.











