
متابعات _ اوراد نيوز
أكدت بعثة تقصي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن السودان أن الحرب الدائر في البلاد لا يزال يتفاقم، مع ازدياد محنة المدنيين يومًا بعد يوم. ويعود هذا التدهور إلى تفكك مؤسسات الدولة، عسكرة المجتمع، والتدخلات الخارجية التي تغذي الحرب.
وفي تقرير قُدم إلى مجلس حقوق الإنسان بجنيف يوم الثلاثاء، أعلنت البعثة أنها جمعت أدلة موثوقة تؤكد ارتكاب جرائم دولية من قبل جميع أطراف الحرب. وشددت على أن ما بدأ كأزمة سياسية قد تحول إلى حالة طوارئ حقوقية خطيرة تدخل عامها الثالث دون بصيص أمل في الحل.
دعوات ملحة لوقف تدفق الأسلحة ومحاسبة الجناة
جددت البعثة مطالبتها للمجتمع الدولي بفرض حظر شامل على تصدير الأسلحة إلى السودان، مؤكدة ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق المدنيين. وأشار التقرير إلى تصاعد خطير في استخدام الأسلحة الثقيلة داخل المناطق السكنية، وتزايد حالات العنف الجنـ سي. كما وثقت البعثة حصارًا منهجيًا للمرافق الطبية، واستخدام المساعدات الإنسانية كأداة حرب.
وصرح محمد شاندي عثمان، رئيس البعثة، بأن السودان يشهد “أزمة دامية تتفاقم في ظل غياب الإرادة السياسية”، مؤكدًا أن البعثة تمكنت من جمع ملفات وأدلة عن الجناة المحتملين، وتعاونت بسرية مع جهات قضائية دولية. من جانبها، أوضحت منى رشماوي، عضوة البعثة، أن الأزمة السياسية والأمنية تحولت إلى حالة طوارئ حقوقية خطيرة، مشددة على أن الانتهاكات المرتكبة تلطخ سمعة جميع الأطراف، فيما يبقى المدنيون، وخاصة النساء والأطفال، هم الضحايا الأكبر.

الحرب بلا هوادة وتدمير شامل
سلط التقرير الضوء على الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف ونزوح أكثر من 13 مليون شخص داخل السودان وخارجه. وتسببت هذه الحرب في دمار واسع طال البنية التحتية، الأسواق، والمرافق الصحية.
وثقت البعثة تصعيدًا في استهداف المدنيين، لاسيما في مدينة الفاشر، حيث سُجلت حالات اعتقال وقتل وحرق قرى ونهب ممتلكات من قبل قوات الدعم السريع. وخلال هجوم وقع بين 10 و13 أبريل، قُتل أكثر من 100 مدني، بينما راح 15 آخرون ضحية قصف على بلدة الكومة. كما ارتكبت قوات الدعم السريع مجزرة في حي الصالحة بأم درمان يوم 27 أبريل، أسفرت عن مقتل 30 مدنيًا.
وفي مناطق أخرى تحت سيطرة الجيش السوداني، مثل الخرطوم وسنار والجزيرة، رصدت البعثة انتهاكات انتقامية واسعة ضد مدنيين يُشتبه بدعمهم لقوات الدعم السريع، بينهم أطباء وعمال إغاثة ونشطاء، تعرض بعضهم للتعذيب والإعدام خارج نطاق القانون.
أعربت البعثة عن قلقها البالغ من تحويل المساعدات الإنسانية إلى أداة للضغط والتجويع، مشيرة إلى أن القوات المسلحة فرضت قيودًا بيروقراطية على إيصالها، فيما قامت قوات الدعم السريع بنهب القوافل ومنع وصولها إلى المتضررين.