
متابعات _ اوراد نيوز
في بادرة ذات طابع إنساني عميق، تعكس مدى اهتمام القيادة السورية بأحوال مواطنيها المتضررين في السودان، أعلن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، عن قرار بلاده بتشكيل وفد خاص ومُرسَل إلى الأراضي السودانية. تهدف هذه الخطوة بشكل أساسي إلى متابعة أوضاع السوريين هناك وتقديم شتى أشكال العون الضروري لهم، وذلك إنفاذًا لتوجيهات مباشرة وصادرة عن الرئيس السوري، أحمد الشرع.
وقد أفصح الشيباني عن تفاصيل هذه المبادرة الإنسانية عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس”، مؤكدًا أن “الفريق السوري سيضطلع بمهمة تقصي الحقائق حول أحوال المواطنين السوريين الذين طالتهم تداعيات الأوضاع الراهنة في جمهورية السودان، فضلاً عن تقديم ما يلزم من مساعدات عاجلة، بالإضافة إلى التنسيق المحكم لعمليات إجلائهم وضمان سلامتهم الشخصية”.
الدعم والإجلاء في صدارة الأولويات
أسهب وزير الخارجية في توضيح أبعاد مهمة الفريق، مشيرًا إلى أنها لن تقتصر على مجرد الاطلاع وتقييم الأوضاع، بل ستمتد لتشمل تنفيذ عمليات إجلاء آمنة وتوفير كافة سُبل الحماية والأمان اللازمين للسوريين المقيمين في السودان، وذلك في ظل التدهور المتسارع للأوضاع الأمنية والإنسانية التي تشهدها بعض المناطق السودانية.
وشدد الشيباني على أن هذا التحرك يأتي استجابة طبيعية وضرورية لحاجة إنسانية مُلحة، دون الخوض في تفاصيل حول العدد الدقيق للمواطنين السوريين المتواجدين حاليًا في السودان أو الآليات العملية التي سيتم اتباعها لتنفيذ خطط الإجلاء.
السودان.. محطة لجوء تحولت إلى معاناة
من الجدير بالذكر أن السودان مثّل على الدوام إحدى الوجهات الرئيسية التي قصدها آلاف السوريين بحثًا عن الأمان بعد اندلاع الاضطرابات في بلادهم عام 2011. فقد وجد الكثير منهم في السودان ملاذًا آمنًا وإنسانيًا بعيدًا عن أتون الحرب، إلا أن التطورات السياسية الأخيرة في السودان، وخاصة بعد تصاعد وتيرة النزاع في أبريل من العام 2023، أدخلت الجالية السورية في حلقة جديدة ومؤلمة من المعاناة.
وقد تفاقمت الأوضاع الإنسانية بشكل ملحوظ مع اشتداد حدة القتال، مما أدى إلى انقطاع في سلاسل الإمداد الحيوية والخدمات الأساسية، وتوقف شبه كامل للدعم الإنساني، بالإضافة إلى تضرر وانهيار الكثير من البنى التحتية والخدمات القنصلية، الأمر الذي وضع السوريين في السودان أمام واقع بالغ التعقيد والصعوبة.
عالقون بلا موارد أو مأوى آمن
تشير تقارير صادرة عن منظمات إنسانية إلى أن أعدادًا كبيرة من السوريين يعيشون حاليًا في السودان في ظروف إنسانية قاسية ومأساوية، حيث يعانون من ندرة حادة في الموارد المالية الأساسية، فضلاً عن عدم قدرتهم على العودة إلى وطنهم الأم بسبب التكاليف الباهظة للسفر أو فقدان وثائقهم الرسمية نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية.
وفي ظل النقص الحاد في الدعم الدولي المقدم لهم، برزت الحاجة الماسة إلى تحرك فعال من قبل الدولة السورية لضمان سلامة وحياة رعاياها، وهو ما يفسر هذه المبادرة الرئاسية الهامة التي قد تمثل نقطة انطلاق لتنسيق أوسع يشمل منظمات دولية وهيئات إغاثة فاعلة.
تحرك رسمي في ظل مشهد سياسي ضبابي
من اللافت في تصريحات الوزير الشيباني أنه لم يقدم توضيحات حول ما إذا كان هذا الفريق الخاص سيعمل بالتنسيق والتعاون مع السلطات السودانية القائمة أم سيضطلع بمهامه بشكل مستقل، خاصة في ظل حالة الانقسام السياسي الراهن في السودان بين الحكومة المركزية وقوات الدعم السريع. هذا الأمر يثير تساؤلات مشروعة حول مدى فاعلية هذا التدخل على أرض الواقع، والضمانات المتاحة لسلامة أعضاء الفريق السوري نفسه.
عودة الشرع إلى مركز القرار
تأتي هذه التوجيهات في سياق زمني يشهد فيه الرئيس السوري أحمد الشرع تعزيزًا لحضوره السياسي كقائد للبلاد بعد انتهاء فترة حكم الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر 2024، وذلك عقب سنوات طويلة من الأزمة والصراع. ويبدو أن هذه الخطوة تُعد جزءًا من جهود أوسع تهدف إلى إعادة بناء جسور الثقة بين الدولة السورية ومواطنيها، خاصة أولئك الذين اضطرتهم الظروف للعيش في الخارج.