اخبار

الخرطوم تحذّر من “ذئاب الصحراء” وتتهم الدعم السريع بتهديد الأمن الإقليمي

كشفت الحكومة السودانية عن معلومات موثقة تؤكد تورط مرتزقة من جمهورية كولومبيا في القتال إلى جانب قوات الدعم السريع، ووصفت هذه الخطوة بأنها تمثل تطورًا خطيرًا يهدد السلم والأمن في المنطقة والقارة الإفريقية ككل.

وأكد الجيش السوداني في تصريح خاص لـ”الجزيرة نت“، أن الدعم السريع تعتمد منذ اندلاع الحرب على مقاتلين أجانب، يتم توظيفهم في المهام المتقدمة والتخصصية، لا سيما في وحدات المدفعية والطائرات المسيّرة، بالإضافة إلى مشاركتهم المباشرة في العمليات القتالية.

وفي هذا السياق، قال العميد نبيل عبد الله، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، إن التقديرات تشير إلى مشاركة آلاف المرتزقة في الحرب الدائرة داخل البلاد، ضمن ما وصفه بـ”مخطط خارجي لإطالة أمد النزاع وإرباك المشهد العسكري والسياسي”.

من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية السودانية بيانًا رسميًا أكدت فيه أن الحكومة تمتلك أدلة ووثائق دامغة تُثبت وجود مرتزقة كولومبيين، إلى جانب مئات الآلاف من المقاتلين الأجانب من دول الجوار، جرى تجنيدهم وتمويلهم برعاية جهات خارجية.

وأشار البيان إلى أن هذه الأدلة قد تم تسليمها رسميًا إلى مجلس الأمن الدولي عبر بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة، في إطار تحرك دبلوماسي لفضح الانتهاكات وحشد التأييد الدولي لوقف “التدخلات العابرة للحدود”.

وأكدت الخارجية أن زج المقاتلين الأجانب في الصراع الداخلي يُعد تحولًا خطيرًا يُفرغ الحرب من طابعها المحلي، ويحوّلها إلى نزاع إرهابي عابر للحدود، تديره أطراف غير سودانية، بما يهدد سيادة الدولة ويُقوّض الاستقرار الإقليمي.

وفي تفاصيل إضافية، أفادت معلومات خاصة حصلت عليها “الجزيرة نت”، أن قوات الدعم السريع قامت بتجنيد مقاتلين من تشاد، إفريقيا الوسطى، ليبيا، والنيجر، في إطار حملة استقطاب واسعة يشرف عليها قادة ميدانيون مدعومون من جهات إقليمية.

ويُنتظر أن تشكل هذه المعطيات ضغطًا متزايدًا على الأطراف الداعمة لقوات الدعم السريع، وسط دعوات سودانية لتوسيع التحقيقات الدولية في ملف المرتزقة الأجانب، واعتباره تهديدًا مباشرًا للسلام في إفريقيا.

ووفق المعلومات نقلًا عن مصادر الجزيرة نت، جُند نحو 800 مقاتل من تشاد بين نوفمبر/تشرين الثاني 2024 وفبراير/شباط 2025، تتراوح أعمارهم بين 16 و35 عامًا، ويتقاضون بين مليون إلى مليوني فرنك أفريقي (نحو 1650 إلى 3300 دولار أميركي) مقابل ستة أشهر من الخدمة ويدربهم أجانب، إذ يتدرب بعضهم على تشغيل الطائرات المسيّرة والصواريخ.

وفي تطور جديد يسلّط الضوء على الطابع العابر للحدود الذي اتخذته الحرب السودانية، كشفت مصادر مطلعة لـ”الجزيرة نت” عن عمليات تجنيد واسعة لمرتزقة أجانب لصالح قوات الدعم السريع، شملت مقاتلين من جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وكولومبيا، بدعم من جهات شبه عسكرية روسية.

وأفادت المصادر أن أكثر من 1300 مقاتل تم تجنيدهم داخل أفريقيا الوسطى مع مطلع عام 2025، في حين تخطط الجهات المنظمة لزيادة العدد إلى 3300 مقاتل، يجري نشرهم تدريجيًا في مدينتي الجنينة ونيالا بإقليم دارفور، في إطار استراتيجية توسع ميدانية تعتمد على المرتزقة.

وفي الفترة الممتدة بين ديسمبر/كانون الأول 2024 وفبراير/شباط 2025، تم تجنيد أكثر من 900 مرتزق تشادي ممن سبق لهم القتال في صفوف الجيش الوطني الليبي، في عمليات نُفذت عبر الحدود الجنوبية للسودان، بمساعدة شبكات تهريب وتنظيمات غير نظامية.

وأكدت المصادر ذاتها وجود مشاركة أجنبية مباشرة في عمليات التدريب والتهيئة القتالية، وسط تقارير تشير إلى تدخلات روسية غير مباشرة عبر مجموعات شبه عسكرية تُسهم في تأمين خطوط التجنيد داخل أفريقيا الوسطى.

وفي هذا السياق، وجهت الحكومة السودانية نداءً إلى المجتمعين الإقليمي والدولي، محذّرة مما وصفته بـ”حجم التآمر الممنهج الذي تتعرض له الدولة السودانية”، مشيرة إلى أن الدعم السريع بات يعتمد بصورة كاملة على قوات أجنبية مأجورة منذ تمرّده المسلح في 15 أبريل/نيسان 2023.

وتقاطع هذه المعلومات مع ما كشفه موقع La Silla Vacía الاستقصائي، في تحقيق خاص أكد فيه مشاركة أكثر من 300 عسكري كولومبي سابق في عمليات تقاتل داخل السودان، ضمن ما يعرف بعملية “ذئاب الصحراء“، يقودها عقيد كولومبي متقاعد، تولّى مسؤولية تجنيد وتنسيق مهام المرتزقة.

ووفق التحقيق، يتواجد بعض من هؤلاء المرتزقة في معسكرات تدريب جنوب مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، حيث يخضع ما بين 1000 إلى 3000 سوداني للتدريب العسكري المكثف، من بينهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عامًا، ما يثير مخاوف خطيرة بشأن تجنيد الأطفال وانتهاكات صارخة للقانون الإنساني الدولي.

وترى الحكومة السودانية أن الطابع الدولي المتسارع للحرب، مع مشاركة هذا الكم من المرتزقة الأجانب، ينذر بتحول الصراع إلى حرب إقليمية بالوكالة، تتجاوز حدود السودان، وتشكل تهديدًا مباشرًا على أمن واستقرار القارة الإفريقية بأسرها.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى