
القضارف – باسندة
في تصعيد جديد للتوترات الأمنية على الحدود السودانية الإثيوبية، لقي أربعة رعاة سودانيين مصرعهم، في منطقة “أبو لسان” التابعة لمحلية باسندة بولاية القضارف، إثر هجوم نفذته مليشيات إثيوبية مسلحة أسفر أيضًا عن نهب نحو 790 رأسًا من الماعز والضأن.
وبحسب مصادر محلية، فإن الهجوم وقع أثناء ممارسة الرعاة لنشاطهم الاعتيادي في الرعي، قبل أن تباغتهم مجموعة مسلحة إثيوبية بإطلاق نار كثيف، ما أدى إلى مقتلهم في الحال. وهرع أهالي المنطقة إلى موقع الحادث بعد سماع دوي إطلاق النار، وتم نقل الجثث إلى منطقة دوكة لتشريحها، بعد أن تم تدوين بلاغ رسمي بالواقعة لدى شرطة باسندة.
تجدد المخاوف من الاعتداءات الحدودية في موسم الخريف
وأعادت الحادثة المخاوف القديمة المتكررة من الاعتداءات العابرة للحدود، والتي تزداد وتيرتها عادة في موسم الخريف، مع توجه السكان المحليين نحو الزراعة والرعي في المناطق الحدودية الخصبة، ما يجعلهم أهدافًا سهلة للمليشيات الإثيوبية، التي تعتبر وجود السودانيين قرب الحدود تهديدًا متجدداً.
وتقع منطقة أبو لسان قرب الحدود الإثيوبية، ولا يفصلها عنها سوى منطقة سودانية واحدة تُعرف باسم “تايا”، لتبدأ بعدها مباشرة القرى الإثيوبية. وتعود ملكية الماشية المنهوبة لقبائل اللحوين، وهي من القبائل الرعوية الموسمية التي تفد من مناطق البطانة للاستفادة من مراعي باسندة.
تفوق عددي وتسليحي للمليشيات الإثيوبية
ورغم امتلاك بعض الرعاة لأسلحة خفيفة، إلا أن المليشيات الإثيوبية غالبًا ما تتمتع بتفوق عددي وتنظيمي، ما يجعل التصدي لها في مثل هذه الهجمات مهمة شاقة. وتُعد محلية باسندة من أغنى المناطق الزراعية والرعوية في القضارف، ما يجعلها هدفًا متكررًا لمثل هذه الاعتداءات.
وكانت القوات المسلحة السودانية قد استعادت خلال السنوات الماضية مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في الفشقة الكبرى والصغرى بعد مواجهات حادة مع القوات والمليشيات الإثيوبية بين عامي 2019 و2021، إلا أن الحرب المشتعلة داخلياً أدت إلى انكفاء الانتباه الرسمي وتراجع التغطية الأمنية في تلك المناطق، ما ساهم في تكرار مثل هذه الحوادث خلال الأشهر الأخيرة.

سلسلة من الاعتداءات خلال الأشهر الماضية
ومنذ بداية مايو الماضي، سجلت المنطقة عدة اعتداءات مشابهة، من بينها حادثة 13 يوليو في منطقة ود عرود، حيث تم نهب أكثر من 500 رأس من الماشية وقتل أحد الرعاة، قبل أن ينسحب المهاجمون إلى داخل الأراضي الإثيوبية.
ورغم وجود معسكر للجيش السوداني يُعرف بـ”أبو طيور” في منطقة ود عرود، إلا أن بعض المنافذ الأرضية، خاصة القريبة من النهر، تُستخدم من قبل العناصر المسلحة الإثيوبية للتسلل وتنفيذ هجمات مباغتة داخل الأراضي السودانية.
وفي وقت سابق، شهدت قرية بركة نورين اشتباكًا مباشرًا بين دورية سودانية وقوات إثيوبية، ما أدى إلى مقتل جندي سوداني، في مؤشر على هشاشة الوضع الأمني على طول الشريط الحدودي.
استمرار التبادل التجاري رغم التوترات
ورغم التصعيد الأمني، لا تزال الحركة التجارية قائمة بين القرى الحدودية من الجانبين، عبر معبر القلابات في الفشقة الصغرى ومعبر اللوقدي في الفشقة الكبرى، إضافة إلى منافذ فرعية مثل “الأسرة” و”ود كولي”، حيث ينشط التبادل في السلع الاستهلاكية والإكسسوارات والمواد الغذائية بين سكان القرى المتجاورة، ما يعكس تناقضًا بين التوتر الأمني واستمرارية التداخل الاجتماعي والتجاري.