
متابعات _ اوراد نيوز
رغم الدمار الذي خلّفته الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من عام، حقق قطاع التعدين طفرة لافتة، حيث تجاوز إنتاج البلاد من الذهب 37 طناً خلال النصف الأول من عام 2024، وسط تحوّل دراماتيكي في سوق العمل المحلي، مع دخول نحو 4 ملايين سوداني إلى مهنة التعدين التقليدي، وفق ما أعلنه المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية، محمد طاهر عمر.
وفي لقاء صحفي عُقد اليوم الخميس، كشف عمر أن إنتاج الذهب في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي بلغ 37,235 طناً، مشيراً إلى أن ولايات نهر النيل، الشمالية، والبحر الأحمر تصدّرت قائمة الإنتاج.
التعدين بدل الحرب.. والحرب وقود للتعدين
أوضح عمر أن التوسع في التعدين التقليدي جاء نتيجة مباشرة للحرب، التي تسببت في توقف غالبية الأنشطة الاقتصادية، ما دفع ملايين المواطنين للبحث عن بدائل معيشية. وقال إن “رؤوس أموال كبيرة وجّهت استثماراتها نحو قطاع الذهب بعد توقف أعمالها الأصلية”، الأمر الذي عزز النشاط غير المنظم في التعدين.

الحرب تقلّص خريطة الذهب في السودان.. وتهريب 48% من الإنتاج يثير القلق
تقلّصت المساحة الجغرافية المتاحة للتعدين في السودان إلى 6 ولايات فقط من أصل 14 كانت نشطة قبل اندلاع الحرب، في مشهد يعكس مدى تأثر قطاع الذهب بالنزاع المسلح، حسب ما أعلنه محمد طاهر عمر، المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية.
وفي تصريح صحفي حديث، قال عمر إن ولاية جنوب كردفان على وشك الانضمام إلى خارطة الإنتاج، لتصبح الولاية السابعة، في وقتٍ لا تزال فيه ولايات عديدة خارجة عن السيطرة بسبب الأوضاع الأمنية.

شركات كثيرة.. إنتاج قليل
-
يبلغ عدد الشركات المرخصة للتعدين 162 شركة، منها 40 شركة أجنبية، لكن فقط 30 منها تعمل فعليًا.
-
في التعدين الصغير، تم تسجيل 220 شركة، إلا أن 70 فقط تنتج بانتظام.
-
وشرعت الشركة الحكومية بإجراءات قانونية لإلغاء رخص الشركات غير الملتزمة بشروط التعاقد.
تهريب الذهب.. التحدي الأكبر
كشف عمر أن 48% من الذهب المنتج في النصف الأول من 2024 تم تهريبه خارج القنوات الرسمية، بينما تم تصدير فقط 52% بطريقة قانونية، ما يكبّد الاقتصاد السوداني خسائر فادحة من النقد الأجنبي.
رقابة فضائية على المناجم
ضمن خطة لضبط الإنتاج ومكافحة التهريب، تبدأ الشرطة السودانية في الربع الأخير من العام الجاري تنفيذ نظام رقابة إلكترونية متطور عبر الأقمار الصناعية، لمراقبة مواقع التعدين في كل أنحاء البلاد.
وأوضح عمر أن النظام الجديد يهدف أيضًا إلى الحد من استخدام المواد الكيميائية الضارة مثل الزئبق والسيانيد في التعدين التقليدي، التي تضر بالإنسان والحيوان والبيئة عند استخدامها بطرق غير علمية.
انتهاكات وتعديات مستمرة
أشار مدير الشركة إلى أن هناك تعديات متكررة من المعدنين التقليديين على مواقع امتياز الشركات، وهو ما يعرقل الاستثمار المنظم ويضعف الثقة في القطاع، مؤكدًا أن السلطات تسعى لتحويل التعدين التقليدي إلى نشاط رسمي خاضع للرقابة.

الدولة خارج معادلة التصدير
في تطور مثير للجدل، كشف المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية، محمد طاهر عمر، أن الدولة السودانية لا تملك الذهب المنتج، مشيرًا إلى أن المعدن الأصفر مملوك بالكامل للقطاع الخاص من شركات وأفراد، يتمتعون بحرية مطلقة في تصديره إلى أي وجهة يرغبون بها، حتى وإن كانت تلك الدول متهمة بدعم أطراف النزاع المسلح داخل البلاد.
ورغم الانتقادات المتزايدة بشأن توجه الذهب إلى دول يُزعم أنها تمد قوات الدعم السريع بالسلاح والتمويل، إلا أن الحكومة لا تملك صلاحية منع التصدير بسبب غياب التشريعات الحاكمة أو السيطرة الكاملة على القطاع.
مبادرة لم تُحرز تقدمًا
وأشار عمر إلى أن الشركة السودانية قدمت مبادرة لتمكين الدولة من شراء الذهب مباشرة من المنتجين لامتلاكه رسميًا، لكن المبادرة لم تُفعّل بعد، لعدم وجود موارد مالية كافية أو قنوات شراء فعالة.
ودعا عمر المواطنين إلى الصبر، إلى حين تمكُّن الحكومة من إنشاء آليات جديدة وفتح أسواق خارجية بديلة تسمح بعودة السيطرة الوطنية على الذهب كمورد استراتيجي.
مناطق خارج السيطرة
فيما يخص الذهب المنتج من مناجم دارفور وغرب وشمال كردفان وجنوب كردفان، أكد عمر أن الوضع الأمني المضطرب يمنع أي رقابة أو حصر فعلي للإنتاج، ما يجعل هذه المناطق خارج مظلة الإشراف الرسمي.
من الذروة إلى الانهيار
-
في عام 2017، سجّل السودان أعلى إنتاج ذهبي في تاريخه بـ107 أطنان.
-
في 2018 تراجع الإنتاج إلى 41.8 طناً.
-
ومع اندلاع الحرب في 2023، هوى الإنتاج إلى 6.4 أطنان فقط.
أما في عام 2022، فبلغ الإنتاج نحو 43 طناً.
الذهب يتصدّر الصادرات رغم كل شيء
وفق تقرير بنك السودان المركزي لعام 2022، احتل الذهب صدارة الصادرات غير البترولية بنسبة 46.3% من إجمالي صادرات البلاد، بقيمة وصلت إلى 2.02 مليار دولار من أصل 4.36 مليارات دولار هي مجموع صادرات السودان لذلك العام.
المصدر: الجزيرة