
متابعات _ اوراد نيوز
يشهد المغرب اليوم نهضة عمرانية واقتصادية كبيرة تزامناً مع الاستعداد لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030، بالتعاون مع إسبانيا والبرتغال. هذا الحدث الرياضي العالمي لا يعد مجرد بطولة كرة قدم، بل يمثل محطة تحول استراتيجية ذات أبعاد تنموية واسعة.
تتركز هذه النهضة في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، الرباط، مراكش، طنجة، فاس، وأكادير، حيث تُضخ استثمارات ضخمة لتحديث الملاعب والبنية التحتية المرتبطة بها. وتعكس هذه الجهود رؤية وطنية طموحة تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والاقتصاد الوطني.

كأس العالم ومحفزات الاقتصاد وفرص العمل
تتيح الاستعدادات للمونديال فرصة لتعزيز سلاسل التوريد، وتنشيط قطاعات أساسية كالأسمنت والصلب والنقل والخدمات اللوجستية، مما يفتح أبواباً واسعة لخلق فرص عمل جديدة وتحفيز الدورة الاقتصادية. ومع ذلك، تواجه هذه المشاريع تحديات مثل ارتفاع التكاليف ونقص العمالة المؤهلة، إضافة إلى أهمية ضمان استدامة هذه الاستثمارات لتفادي ظاهرة “الفيل الأبيض” — المشاريع المكلفة التي لا تحقق الاستفادة المرجوة.
استثمارات ضخمة وديناميكية متسارعة
خصص المغرب ميزانية تتراوح بين 50 و60 مليار درهم (حوالي 5 إلى 6 مليارات دولار) لمشاريع مرتبطة بالمونديال. وتشمل هذه الاستثمارات تطوير الملاعب، توسيع شبكات الطرق، وتعزيز البنية التحتية، ما يمثل دفعة قوية لقطاع البناء.
ويرى خبراء القطاع أن هذه المرحلة تشكل انطلاقة نحو نموذج تنموي جديد، حيث لا يقتصر الاستثمار على البنية التحتية فحسب، بل يشكل محركاً رئيسياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر خلق فرص العمل وتعزيز التنمية الإقليمية.
فرص عمل وتحديات مستقبلية
ساهم قطاع البناء في خلق حوالي 52 ألف وظيفة جديدة في الربع الأول من 2025، ويُتوقع استمرار هذا الزخم، رغم التحديات المتعلقة بتوريد المواد وندرة اليد العاملة. وينبه الخبراء إلى ضرورة تطوير برامج تأهيلية لضمان استمرارية التشغيل بعد انتهاء المونديال، خاصة مع التحول المتزايد نحو تقنيات البناء الحديثة.
جاهزية بيئية وتقنية متقدمة
تفرض معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) التزاماً بالاستدامة البيئية والتقنية، مثل استخدام الطاقة المتجددة وتقنيات ترشيد استهلاك الموارد. وعلى الرغم من ارتفاع التكاليف، تتمتع الشركات المغربية بدعم وطني قوي وقدرات متقدمة تؤهلها لتلبية هذه المتطلبات.
تحديات التمويل واليد العاملة
تواجه المشاريع تحديات مالية وبنيوية تتمثل في ارتفاع التكاليف، نقص العمالة، وضغوط سلاسل التوريد. ويؤكد الخبراء أهمية تعزيز التخطيط المالي وتوسيع شراكات القطاعين العام والخاص لتوزيع المخاطر وضمان استدامة المشاريع.
رهانات الاستدامة لما بعد المونديال
تجارب دولية سابقة تحذر من مخاطر تحويل المنشآت الرياضية إلى أعباء مالية بعد انتهاء الفعاليات. لذلك، يُشدد على أهمية اعتماد نماذج متعددة الاستخدامات تربط الملاعب بمشاريع رياضية وثقافية وتعليمية لضمان استمرارية الاستفادة منها.