اقتصاد

مصر .. زمن الإيجار الرخيص انتهاء

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

تواجه قضية الإيجار القديم في مصر تطورات جديدة مع تقديم الحكومة لمشروع قانون ثانٍ إلى مجلس النواب، يهدف إلى معالجة الأزمة المستمرة منذ قرار المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر الماضي بعدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية، واصفة إياه بـ”اعتداء على حق الملكية”.

تعديلات على الفترة الانتقالية والقيمة الإيجارية

مددت الحكومة في مشروعها الجديد الفترة الانتقالية لإنهاء عقود الإيجار القديم، لتصبح 7 سنوات للغرض السكني بدلاً من 5 سنوات في المسودة السابقة التي قوبلت برفض واسع. أما بالنسبة للأماكن المؤجرة لغير الغرض السكني، فقد حددت الفترة بخمس سنوات. ويلزم القانون المستأجر بإخلاء المكان ورده للمالك فور انتهاء هذه المدة.

قسم مشروع القانون الجديد المناطق السكنية إلى ثلاث فئات: اقتصادية، متوسطة، ومميزة. ووفقاً لهذا التقسيم، ستكون القيمة الإيجارية للفئة الأولى 250 جنيهاً، والثانية 400 جنيه، والثالثة 1000 جنيه، على أن تتولى لجان متخصصة في كل محافظة تحديد طبيعة كل منطقة. وقد جاء هذا التعديل بعد أن كشفت المناقشات المجتمعية وجلسات الاستماع عن عدم واقعية التقسيم السابق الذي كان يقسم المناطق إلى فئتين فقط.

مخاوف المستأجرين ووعود السكن البديل

أثار مشروع القانون مخاوف العديد من المستأجرين، خاصة مع اقتراب موعد إخلاء مساكنهم. تعبر ناهد عبد الفتاح، وهي سيدة خمسينية لا تعمل، عن شعورها بالظلم، مشيرة إلى أن “المشروع حتى بتعديلاته الجديدة يظلم المستأجر الذي دفع مقابلاً كبيراً لعقد الإيجار في الماضي، كان كفيلاً بشراء شقة، أي أن المالك حصل على حقه”. وتوضح السيدة، التي تعيش مع زوجها المتقاعد وابنها، أنه “ليس لدينا محل آخر للانتقال إليه بعد انتهاء الـ7 سنوات”.

لتهدئة هذه المخاوف، ينص مشروع القانون الجديد على “توفير وحدات سكنية بديلة لمتضرري الإيجار القديم”، وهو ما وصفه وزير الشؤون النيابية محمود فوزي بـ”ضمانة لهؤلاء السكان”. وأكد فوزي أن “المتضررين من القانون من حقهم أن يكون لهم السكن البديل من الوحدات التي توفرها الدولة، بشروط وقواعد وإجراءات خاصة، ليس بالضرورة أن تكون نفس شروط الإسكان الاجتماعي المعمول بها حالياً من حيث الأسعار، أو المساحات”.

ومع ذلك، لم يطمئن هذا الوعد المستأجرين، نظراً لتوقعات بأن تكون المناطق السكنية البديلة نائية وصغيرة الحجم، فضلاً عن ارتفاع التكلفة المتوقعة. ويرى رئيس اتحاد المستأجرين والمحامي شريف الجعار أن حل “السكن البديل” غير قابل للتطبيق عملياً، مشيراً إلى عدم وجود مناطق قابلة للبناء عليها في المناطق القريبة من مساكن المستأجرين القدامى، وأن نقل السكان لمناطق بعيدة هو “بمثابة تهجير قسري لهم”.

تحذيرات اجتماعية واحتقان متزايد

حذرت أستاذة علم الاجتماع، هالة منصور، من “الآثار الاجتماعية المتوقعة بعد إصدار القانون”، مشيرة إلى احتمالية “حدوث احتقان بل أكثر من ذلك، فمعظم المتضررين منه من أصحاب المعاشات، ممن يتحملون بالفعل مصاريف الغذاء والعلاج، ولن يكونوا قادرين على إضافة بند السكن”. كما لفتت إلى “أزمات أسرية ستحدث عند إجبار السكان على الانتقال إلى مناطق جديدة بعيدة عن مدارس أبنائهم، وأشغالهم، ونمط الحياة الذي تعودوا عليه”.

شبهة عوار دستوري وتصعيد قضائي محتمل

يرى شريف الجعار أن “المشروع الجديد فيه شبهة عوار دستوري، إذ إن منطوق حكم الدستورية قضى بعدم ثبات الإيجار، وليس طرد المستأجرين من شققهم، خصوصاً أن المحكمة نفسها سبق وحسمت أمر بقائهم في شققهم، بأن تمتد العلاقة الإيجارية حتى الجيل الأول من المستفيدين، ثم تنتهي بشكل طبيعي”. وأضاف الجعار أنهم “سنطعن في القانون حال صدوره بهذا الشكل، وسنطالب بإقرار وقف تنفيذه لحين البت في القضية”، محذراً من خطورة الموقف الحالي الذي “يهدد السلم المجتمعي” ويزيد من “حالة الاحتقان الشديدة بين المستأجرين والملاك”.

وافق الأربعاء الماضي، 19 يونيو 2025، اللجنة المشتركة بمجلس النواب، المكونة من لجان الإسكان والإدارة المحلية والشؤون الدستورية، على مشروع القانون بشكل نهائي، تمهيداً لعرضه على الجلسة العامة لمجلس النواب.

profile picture

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى