اقتصاد

من قلب الملح .. الصين تكسر المستحيل باستخراج معدن نادر من “اللاشيء”

متابعات _ اوراد نيوز

متابعات _ اوراد نيوز

شهدت الصين إنجازًا علميًا بارزًا، حيث نجح فريق بحثي صيني في تطوير طريقة مبتكرة لاستخلاص كلوريد الروبيديوم النقي بتركيز يصل إلى 99.9%، وذلك من المحاليل الملحية ذات التركيزات المنخفضة للغاية. يمثل هذا التطور خطوة استراتيجية نحو تعزيز الأمن القومي للموارد وتقليص الاعتماد على الواردات الأجنبية.

 

 

وبحسب ما كشف عنه معهد بحوث بحيرات الملح في مقاطعة تشينغهاي التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، فقد تمكن الباحثون من استخلاص الروبيديوم من كلوريد البوتاسيوم، وهو مركب لا يحتوي إلا على 0.001% من هذا العنصر النادر. وقد وصفت الأوساط العلمية هذا الإنجاز بأنه نقطة تحول محورية في قدرة الصين على بناء سلسلة توريد مستقلة للمعادن النادرة. يأتي ذلك في الوقت الذي تُعد فيه الصين المستهلك الأكبر عالميًا للروبيديوم، وكانت تعتمد بشكل كبير على دول مثل كندا لتلبية احتياجاتها.

 

 

يُعرف الروبيديوم بأهميته في ومتنوعة، بما في ذلك الساعات الذرية، الخلايا الشمسية، الأقمار الصناعية، والزجاج المتخصص. كما يُستخدم في أبحاث طبية دقيقة، مثل تصوير الخلايا السرطانية. تكمن القيمة الجوهرية لهذا الإنجاز في فتح الباب أمام استغلال مصادر الروبيديوم منخفضة الجودة التي كانت تُعد غير مجدية اقتصاديًا في السابق.

 

الروبيديوم يدخل في صناعة _ الساعات الذرية، الخلايا الشمسية، الأقمار الصناعية، والزجاج المتخصص ، في أبحاث طبية دقيقة، مثل تصوير الخلايا السرطانية
الروبيديوم يدخل في صناعة _ الساعات الذرية، الخلايا الشمسية، الأقمار الصناعية، والزجاج المتخصص ، في أبحاث طبية دقيقة، مثل تصوير الخلايا السرطانية

تشير البيانات الرسمية إلى أن أكثر من 97% من احتياطيات الروبيديوم الصينية تتواجد في صخور صلبة يصعب معالجتها، بينما توجد كميات ضئيلة فقط في المحاليل الملحية بمقاطعتي تشينغهاي والتبت. ومن المتوقع أن يمهد هذا النجاح الطريق لمستقبل واعد لصناعة الروبيديوم في البلاد.

 

 

في هذا الصدد، أوضح فريق البحث بمعهد بحيرات الملح (وهو مؤسسة بحثية مركزية متخصصة في البحيرات المالحة تابعة للأكاديمية الصينية للعلوم) أنه طور نموذجًا دقيقًا لتتبع سلوك الروبيديوم أثناء معالجة أملاح البوتاسيوم. هذا النموذج أتاح لهم فهم العوامل التي تعيق تركيز هذا العنصر، مما مكنهم من تحسين كفاءة الاستخلاص. وقد تم تطبيق هذه التقنية الجديدة بنجاح على رواسب بحيرة “قارخان” المالحة، وهي إحدى أكبر البحيرات المالحة في الصين، مما أدى إلى استخلاص منتظم لكلوريد الروبيديوم النقي بنسبة 99.9%.

 

 

على الصعيد الاقتصادي، أظهرت دراسة أجراها فريق الباحثة “قاو دان دان” أن الطريقة الجديدة تسمح بإنتاج الروبيديوم بتكلفة تعادل ثلث السعر السوقي الحالي. يمنح هذا الصين ميزة اقتصادية واضحة ويعزز قدرتها على مواجهة التحديات المتعلقة بتأمين المعادن الاستراتيجية.

 

 

تحظى هذه الجهود بدعم كبير من مؤسسة العلوم الطبيعية الوطنية والأكاديمية الصينية للعلوم وحكومة مقاطعة تشينغهاي. يأتي هذا الدعم في إطار مساعي بكين لتقليل الاعتماد على الخارج وتعزيز القدرات الوطنية في مجالات التكنولوجيا والدفاع.

ويرى الخبراء أن هذه الطفرة تمثل نقلة نوعية في مجال استخلاص المعادن النادرة، ومن الممكن أن تحفز دولًا أخرى على تسريع أبحاثها في هذا المجال، خاصة في ظل تزايد التنافس العالمي على الموارد الاستراتيجية. هذه التطورات تثير تساؤلات واسعة حول كيفية استجابة الدول الأخرى للاحتياجات المتزايدة لتأمين المعادن الحيوية، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة وتعقيدات سلاسل الإمداد العالمية.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى