
متابعات _ اوراد نيوز
أثارت القيود الصارمة التي فرضتها الصين مؤخرًا على تصدير المغناطيسات عالية المقاومة للحرارة، المصنوعة من معادن الأرض النادرة – وفي مقدمتها الساماريوم – قلقًا بالغًا في الأوساط العسكرية الغربية. هذه الخطوة كشفت عن نقطة ضعف جوهرية في سلسلة الإمداد الدفاعية للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، حيث باتت قدرتهم على تجديد مخزوناتهم من المعدات العسكرية المتأثرة بهذه المغناطيسات مهددة بشدة، وفقًا لما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز”.
توقف صادرات المعادن السبعة: حماية وطنية أم ضغط سياسي؟
في الرابع من أبريل الماضي، أوقفت الصين تصدير سبعة أنواع من المعادن الأرضية النادرة، بالإضافة إلى المغناطيسات المصنعة منها. وتُعد هذه الخطوة بالغة الأهمية نظرًا لسيطرة الصين المطلقة على معظم الإمدادات العالمية من هذه المعادن الحيوية.
أعلنت وزارة التجارة الصينية أن هذه المواد تُستخدم في القطاعين المدني والعسكري على حد سواء، مؤكدة أن أي صادرات مستقبلية ستتطلب تراخيص خاصة. وصفت بكين هذا الإجراء بأنه يهدف إلى “حماية الأمن القومي” و”الوفاء بالالتزامات الدولية المتعلقة بعدم الانتشار”. يرى البعض في هذه الخطوة محاولة للصين لإحكام قبضتها على سلاسل الإمداد العالمية لهذه الموارد الاستراتيجية.
الساماريوم: مفتاح القوة العسكرية الصينية ورعب الغرب
على الرغم من بدء الوزارة الصينية في إصدار بعض التراخيص لتصدير مغناطيسات تحتوي على عنصري الديسبروسيوم والتيربيوم (اثنين من العناصر النادرة المقيدة) لشركات صناعة السيارات في أوروبا والولايات المتحدة، فإن هذه المغناطيسات تُستخدم أساسًا في أنظمة المكابح والتوجيه المدنية وتتحمل حرارة محركات البنزين القريبة. لكنها لا تستطيع تحمل درجات الحرارة المرتفعة جدًا المطلوبة في التطبيقات العسكرية.
ولم تظهر أي مؤشرات حتى الآن على موافقة الصين على تصدير الساماريوم، وهو معدن نادر وغامض يُستخدم بشكل شبه حصري في التطبيقات العسكرية ولا يكاد يُستخدم في التطبيقات المدنية.
على مدار أكثر من عقد، فشلت الولايات المتحدة في إيجاد بديل للإمدادات الصينية من هذا النوع المحدد من معادن الأرض النادرة. يُعد الساماريوم عنصرًا حيويًا لتصنيع المغناطيسات المستخدمة في الصواريخ، المقاتلات، القنابل الذكية، وغيرها من التجهيزات العسكرية الحساسة.
تُنتج الصين كامل الإمدادات العالمية من الساماريوم، وهو معدن يتميز بقدرته الفريدة على تحمل درجات حرارة عالية تصل إلى حد إذابة الرصاص دون أن يفقد قوته المغناطيسية. هذه الخاصية تجعله ضروريًا لتحمل حرارة المحركات الكهربائية السريعة الحركة، خاصة في المساحات الضيقة مثل رؤوس الصواريخ.
السودان وإمكانياته في معادن الأرض النادرة
في سياق البحث العالمي عن بدائل لإمدادات المعادن الأرضية النادرة، برز السودان كمصدر واعد يحتوي على احتياطيات من هذه المعادن. كشفت الدراسات الجيولوجية أن مناطق مثل جبال النوبة في السودان تحتوي على معادن نادرة بتركيزات مرتفعة، بما في ذلك الفلوريت، الذي يحتوي على تركيزات كبيرة من العناصر الأرضية النادرة.
بالرغم من الإمكانيات الطبيعية، لا يزال السودان في مراحل مبكرة من استكشاف هذه الموارد، ويواجه تحديات تقنية ولوجستية في تطوير الصناعات المرتبطة بها. مع ذلك، تسعى الحكومة السودانية إلى تعزيز هذا القطاع باعتباره ركيزة محتملة للتنمية الاقتصادية وتقليل الاعتماد العالمي على الصين.
شروط التصدير الجديدة: من المستخدم النهائي؟
تفرض القيود الصينية الجديدة على تصدير المعادن الأرضية النادرة شرطًا أساسيًا هو منح التراخيص بناءً على هوية المستخدم النهائي للمعدن في نهاية سلسلة التوريد. وفي حالة تراخيص الساماريوم، يعني ذلك غالبًا المتعاقدين العسكريين.
يُذكر أن معادن الأرض النادرة موجودة في جميع أنحاء العالم، لكنها نادرًا ما توجد بتركيزات عالية تسمح بتعدينها بكفاءة. غالبًا ما تكون هذه المعادن مرتبطة ببعضها البعض بقوة، ويتطلب فصلها كيميائيًا سلسلة معقدة تضم أكثر من 100 عملية كيميائية باستخدام أحماض شديدة القوة.