متابعات _ اوراد نيوز
استعان الباحثون في دراستهم بأحدث التقنيات الفضائية لتقدير حجم المياه الضائعة من سد النهضة. فقد استخدموا بيانات دقيقة من الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا، مثل “غريس” و”غريس فولو- أون”، والتي تستطيع قياس التغيرات الطفيفة في قوة الجاذبية الأرضية.
وبما أن المياه لها كتلة تؤثر على الجاذبية، فإن هذه الأقمار تمكنت من رصد التغيرات في مستوى المياه داخل خزان السد، وبالتالي حساب كمية المياه التي فقدت بسبب التسربات.
استند الباحثون في دراستهم إلى بيانات دقيقة للغاية جمعتها أقمار صناعية متخصصة في قياس التغيرات في الجاذبية الأرضية. هذه البيانات مكنتهم من تتبع حركة المياه بدقة داخل خزان سد النهضة وعلى نطاق واسع في المنطقة المحيطة.
من خلال مقارنة قياسات الجاذبية قبل وبعد ملء الخزان، استطاع العلماء حساب حجم المياه المفقودة بدقة متناهية. وقد أظهرت النتائج أن حوالي 19.8 مليار متر مكعب من المياه، قد تسرب من الخزان خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً.
هذا الفقدان الكبير للمياه يعزى بشكل رئيسي إلى وجود فوالق جيولوجية في المنطقة تعمل كقنوات طبيعية تسمح للمياه بالتسرب إلى باطن الأرض. علاوة على ذلك، تشير الدراسة إلى أن هذه التسربات قد تساهم في تغذية الخزانات الجوفية في المنطقة، مما يؤثر على التوازن الهيدرولوجي الطبيعي.
يقع سد النهضة في منطقة جيولوجية معقدة تتسم بوجود صخور بركانية بازلتية ذات نفاذية عالية، مما يسهل تسرب المياه. بالإضافة إلى ذلك، تشتهر المنطقة بشبكة واسعة من الشقوق والفوالق الجيولوجية التي تعمل كقنوات طبيعية لتسرب المياه. هذا، إلى جانب الضغط الهائل الذي يمارسه حجم المياه المخزنة في الخزان على الصخور المحيطة، يزيد من احتمالية حدوث تسربات مائية كبيرة.
وكان الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عن قلقه البالغ إزاء العلاقة المحتملة بين التسربات المائية الهائلة من سد النهضة وزيادة النشاط الزلزالي في المنطقة. فبينما كان متوسط عدد الزلازل التي تتجاوز قوتها 4 درجات على مقياس ريختر في إثيوبيا لا يتجاوز 5 أو 6 زلازل سنوياً، شهدت البلاد ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الزلازل منذ بدء عملية ملء السد، حيث سجل عام 2023 نحو 38 زلزالاً، ووصل العدد حتى الآن في عام 2024 إلى 32 زلزالاً. هذا الارتفاع الكبير في عدد الزلازل خلال فترة زمنية قصيرة يثير تساؤلات جدية حول تأثير وزن المياه الهائل في الخزان على القشرة الأرضية وتنشيط الفوالق الجيولوجية.